استئصال ورم صعب على الرغم من شدة الالتصاقات
تعد الحالة التي واجهها هذا المريض مثالًا صعبًا ومختلفًا يبرز أهمية المتابعة الدقيقة في مجال أورام الجهاز الهضمي. هذا المريض كان يعاني من نزيف شرجي متكرر، وتبين من خلال إجراء منظار القولون وجود ورم في منطقة الشرج وبه خلايا متحورة. تمت عدة محاولات لاستئصال الورم جراحيًا من خلال فتحة الشرج باستخدام الطرق التقليدية بواسطة المنظار الجراحي، ولكن للأسف، لم يتمكنوا الجراحين من إزالة الورم بالكامل، واستمر المريض يعاني من نفس الأعراض.
عندما توجه المريض إلى الدكتورة شيماء الخولي أستاذ مساعد أمراض الجهاز الهضمي والمناظير المتقدمة بكلية الطب جامعة القاهرة لتقييم حالته، قامت بإجراء منظار على القولون وتبين وجود انتكاسة كاملة للورم في منطقة الشرج. تمكنت بفضل الله مع الفريق الطبي من استئصال الورم بالكامل باستخدام تقنية تشفية الأورام (ESD) مع حدود أمان كافية طوليًا ورأسيًا؛ وبالتالي اختفت الأعراض تمامًا وتعافى المريض منذ ذلك الحين دون اللجوء إلى المزيد من الإجراءات الجراحية التي باءت بالفشل. تقنية تشفية الأورام تعتمد على المنظار الباطني الذي يدخل إلى الجسم من خلال فتحاته الطبيعية وفي حالتنا هذه كانت فتحة الشرج هي طريق المنظار الأمثل. أيضًا المناظير المتقدمة أتاحت الوصول إلى الموضع المراد من خلال إنشاء أنفاق بين طبقات جدار الجهاز الهضمي وهذا ما يسمى بالفراغ الثالث.
تبعيات إهمال المتابعة:
تمت متابعة حالة المريض بعد مرور شهرين وبعد مرور سنة، وبفضل الله، وجد أن المستقيم قد تعافى تمامًا. ولكن للأسف، قرر المريض عدم الاستمرار في المتابعة لمدة سنتين. عند إجراء منظار جديد بعد مرور تلك الفترة، تم اكتشاف ظهور ورم جديد في منطقة الشرج والقناة الشرجية. لذا خضع المريض للمرة الثانية إلى إجراء تشفية الأورام بالمنظار وتمكنت الدكتورة شيماء الخولي والفريق الطبي من استئصال الورم الجديد بحدود أمان طولية ورأسية، على الرغم من وجود التصاقات شديدة أسفل الورم وصعوبة المكان الذي نشأ فيه الورم الجديد.
ما هي أهمية المتابعة بعد استئصال أورام الجهاز الهضمي؟
إن هذه الحالة تبرز أهمية المتابعة الدقيقة لحالات أورام الجهاز الهضمي. يجب على المرضى فهم أهمية الالتزام بالمتابعة المنتظمة للحفاظ على صحتهم وضمان اكتشاف أي تغيرات أو عودة للأورام.
إن الكشف المبكر لإعادة نمو الأورام بعد استئصالها، من خلال المتابعة المنتظمة وإجراء الفحوصات المُتخصصة، يُتيح تقديم العلاج المناسب في وقت مبكر قبل أن يصبح الورم متقدمًا وأكثر صعوبة في العلاج.
إذا تم تشخيص سرطان القولون والمستقيم وعلاجه مبكرًا بينما لا يزال الورم موضعيًا، يكون المرض قابلًا للشفاء بدرجة كبيرة، حيث تبلغ معدلات الشفاء حوالي 90٪. أما إذا استمر الورم في النمو، يمكن أن ينتشر السرطان مباشرةً عبر جدار الأمعاء إلى العقد الليمفاوية والأنسجة والأعضاء المحيطة، وكذلك إلى مجرى الدم. بمجرد أن ينتشر السرطان إلى العقد الليمفاوية أو الأعضاء الأخرى، يصبح العلاج أكثر صعوبة. اعتمادًا على مدى تقدم المرض، تنخفض معدلات الشفاء.
بشكل عام، المتابعة الدقيقة بعد استئصال أورام الجهاز الهضمي تلعب دورًا حاسمًا في الكشف المبكر، والاستمرار في الحفاظ على صحة المريض على المدى الطويل. لذا، تنصح الدكتورة شيماء الخولي، أستاذ مساعد أمراض الجهاز الهضمي والمناظير المتقدمة بكلية الطب جامعة القاهرة، مرضاها بالالتزام بجدول المتابعة الموصى به وإجراء الفحوصات اللازمة للكشف المبكر عن أي تغيرات قد تحدث.
كما تعكس الحالة أيضًا الأهمية الكبيرة لاستخدام التقنيات المتقدمة والمبتكرة في مجال الأورام للتعامل مع الحالات الصعبة والمعقدة مثل هذه الحالة التي تعاني من صعوبة موضع الورم،علمًا أن تقنية تشفية الأورام تصلح لكل مراحل الأورام الحميدة والمتحورة والمرحلة الأولى من الخبيثة.